علي غير عادتها قبلتني الفراشات
ألقت علي سلام الحدائق
ثم أسرت إلي ببشري مواسمها القمرية
مثل لؤلؤة عمدتها الشواطئ
في مائها السرمدي
لتطبع علي القلب هذا الحنين المفاجئ
حطت يداي علي موجة
دثرتني جدائلها المستحمة
فانثال عطر الياسمين ... بين حرير الأصابع
.......................
يا سيدتي الجميلة
كيف استعدت رمادي من سطوة النار
وأنقذت عمري من الاندثار
.......................
لقد ضقت ذراعاً بهذي الخفافيش
يا سيدتي الجميلة
شعشع نور الميادين
رفت طيور الحدائق تستمطر اللحن
بين حرير الأصابع
قلت
يخطفني العشق
إني تعشقت بحر حنانك
كل صباح
فداويت روحي به
وتوضأت في ضوء أمواجه السابحات
وحطت عصافير قلبي عليه
قلت
يا ملكة نبع الحنان
آتيك ثانية
سوف آتيك
يا شهوة الأرض
يا موسمي المرتجي ...
عارياً كان صوتي ... منطفئاً
والحروف أمامي مغاليقها
فادخلي الآن مملكتي
مرحباً
مرحباً ... ملكتي ورفيقة دمي
قلت
الفراشات تبعث دفء المودة
ترسل في قطرات الندي لونها القرمزي
وتنسج خيطاً من الضوء حولي
فأخلع جلد الكآبة عني
وأنهض ... سأنهض
عانقيني ... سأبني علي جبل قلعتي
وأساهر في الليل نجماً يمد إلي زراعيه
يتلو علي مسمعي الحان البدء
يلتف حولي
فنبكي معاً ... ثم نضحك
نبكي ونضحك
سأنهض من قبضة الحزن
من رماد النار ... من وجع الذات
قلت
توحدت في شجر الانتظار
علقت روحي علي كتفيك قلادة
عانقت وجهك ... كيف أعدت إلي هدوئي
كان الحلم أول الغيث
هذا الجنوح العظيم أليك
انفجار القصيدة في ورق الذكريات
سأكمل لك الآن ما بعثرته أحلامي
أية ذاكرة تتفتح
ها أنا استدرج الشمس من كهفها
اتشبت في نبض أيامك المورقات
.......................
هذا الحنين الخبئ يرد العناءات
يشعل في ثورة القلب جمرته
.......................
تبدو طلائع وجهك في ألق الغيم
فوق وريقات صدري
أشم روائح عينيك في المخمل الأنثوي
.......................
لك الشمس تسطع في عنفوان التوجع
في ضجة الموت بين رحلة الرحيل
لك الماء يسقي براعم أغصانك الشامخات
ويغسل وجهك من غثيان الشتات الخفي
يعيد أليك خطوط البهاء
يجرف كل التماثيل والحقب الجاهلية
يكسر أزمنة كنت فيها الضحية
والمستباح الوحيد
لك العشب يفرش دربك بالزنبق
يمسح عنك غيوم المرارة
والشجن المستبد
.......................
كل صور الذكريات تجمعت في ... قلبي الملتاع
كل مدائن الفرح المسيج بالمستحيل ... سكنت شراييني
ناراً ودخاناً لأوجاعي
أكتب الآن صحوتي ... تتآكل اللغة القديمة
تسقط الألفاظ من قاموسها العدمي
تهتريء الحروف المتعبات
أمد وجهي للفراشات التي دخلت نوافذ شهوتي
وألون الأبعاد والكلمات والذكرى
لوناً من النور ما غاب عني
تلك أشرعتي ... يا مرفأ الحلم
كأني للنبض أسلمت عمري ... وأنفاسي المثخنات
علي غير عادتها قبلتني الفراشات